الولد الصالح هو الذي يدعو لوالديه بعد وفاتهما: مما يسنُّ للوالدين بعد وفاتهما
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
فإن الله تعالى أنزل الوالدين أعلى المنازل في حياتهما، وأوصى بذلك أعظم الوصية، وأمر بِبِرِّهما حال حياتهما، وحال موتهما، فكان من كريم فضله تعالى على الولد وعليهما أن شرع بعض الأعمال التي تنفعهما في الآخرة، وهي عائدة بالخير على ولدهما أيضا، ومن ذلك الآتي:
الدعاء للاباء |
الدعاء لهما، والاستغفار لهما:
فعند مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".
فقوله: "ولد صالح يدعو له" إما إنه إشارة إلى أنه ينتفع الوالد من الصالح من أولاده، أو حثًّا منه صلى الله عليه وسلم للولد على علامات الصلاح، فإنه إن دعى لوالديه كان هذا دليلا على صلاحه.
وفي حديث مالك بن ربيعة رضي الله عنه قال: قال رجل: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ بَقِيَ مِنْ برِّ أَبَوَيَّ شَيْءٌ أَبَرُّهُمَا بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا؟ قَالَ: "نَعَمْ، الصَّلاةُ عَلَيْهِمَا -أي: الدعاء لهما-، وَالاسْتِغْفَارُ لَهُمَا. أخرجه أبو داود وابن ماجه، وفي إسناده ضعف.
وفي السنن عن أبي هريرة رضي الله عنه بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ اللهَ ليرفعُ الدرجةَ للعبدِ الصالحِ في الجنةِ!! فيقولُ يا ربِّ من أينَ لي هذا؟! فيقولُ: باستغفارِ ولدِكَ لكَ".
صلة صاحبهما في الدنيا:
ففي حديث مالك بن ربيعة رضي الله عنه السابق: "وَإِكْرَامُ صَدِيقِهِمَا".
وأخرج مسلم في صحيحه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَجُلاً مِنْ الأَعْرَابِ لَقِيَهُ بطَرِيقِ مَكَّةَ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ وَحَمَلَهُ عَلَى حِمَارٍ كَانَ يَرْكَبُهُ، وَأَعْطَاهُ عِمَامَةً كَانَتْ عَلَى رَأْسِهِ، فَقَالَ ابْنُ دِينَارٍ، فَقُلْنَا لَهُ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ إِنَّهُمُ الأَعْرَابُ وَإِنَّهُمُ يَرْضَوْنَ بالْيَسِيرِ، فَقَالَ: عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ أَبَا هَذَا كَانَ وُدًّا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه -يعني أباه-، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ أَبَرَّ الْبرِّ صِلَةُ الْوَلَدِ أَهْلَ وُدِّ أَبيهِ".
وفي لفظ: "إن من أبر البر أن يصل الرجل أهلَ وُدِّ أبيه بعد أن يولي".
وهذا يفعله ابن عمر بابنِ صاحبِ عمر رضي الله عنهما، فكيف إن لقِيَ صاحبَ عمر نفسَه؟!
إنفاذ عهدهما:
أي: إمضاء وصيتهما من وصِيَّة لغير وارث، فينفذ الوصية ولا يتساهل في أمرها، فهذا من بِرِّهما بعد وفاتهما، وكذلك إن أوصوا بالصدقة أخرجها ونحوه.
صلة الرحم التي لا توصل إلا بهما:
أي صلة الأقارب والأرحام ونحوه، الذين اتصلت بهم عن طريق والديك.
والله الموفق
-----------------
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 6/8/1442هـ
تعليقات
إرسال تعليق