أسس علم الاجتماع
مقدمة:
لقد كانت الظواهر الاجتماعية موضع اهتمام الكثيرين منذ زمن طويل عند جميع المجتمعات، وقد كانت موضع اهتمام العديد من الدارسين والباحثين من أعلام الفكر الإنساني.
غير أنه رغم تلك المجهودات لم تكن سوى مراحل في تاريخ نشأة علم الاجتماع ولم يستطع علم الاجتماع أن يكون ندا للعلوم الطبيعية إلا في أواخر القرن 19 حيث استطاع أن يحدد الظواهر الخاصة به،
ويحدد المنهج الذي يمكنه من دراستها بموضوعية واستقلالية تمكنه من الكشف عن أسباب الظواهر واستخراج القوانين المتحكمة في الظواهر. مما يمكن معه من اصلاح المجتمعات والتنبؤ بمستقبل الظواهر الاجتماعية.
لقد ولدت السوسيولوجيا من انقلاب هذا الانقلاب في حقيقته، انتقال إلى مجتمع جديد حصل في ملتقى ثلاث ثوارات الثورة السياسية (الثورة الفرنسية) والثورة الاقتصادية (التحول الصناعي الذي عرضته أوروبا) ثم الثورة الفكرية التي هي انتصار العقلانية والعلم والفلسفة الوضعية على التقاليد وعلى العقلية الساذجة، انقلب على طريقة التفكير وطرق معالجة الظواهر وتفسيرها.
نجحت السوسيولوجيا في وضع التصورات لنظام جديد:
1- تصور يخص طبيعة المجتمع (كان في السابق متحكمة فيه القوى الخارجية).
2- المجتمع الحديث كان يمتلك قوانین عمله الخاصة به والتي يمكن الكشف عنها.
نقف شيئا ما عند الثورات التي كانت السبب في نشأة علم الاجتماع.
1. القرن 19 عرف بالثورة الصناعية التي صاحبها:
- التمدن أو التحضر أو ما يمكن أن نصطلح عليه تقسيم عمل جديد أو ظهور آليات تضامن جديدة (التضامن الآلي والتضامن العضوي) انطلاق الرأسمالية التجارية، والمكننة أي نحن أمام عمل جديد بمهارات جديدة وعقلية جديدة خلفت وحدات إنتاج واسعة الانتقال من إقتصاد الكفاف إلى الاقتصاد التجاري والصناعي أدت إلى تشكل الطبقة العاملة.
- العمل التضامن الاجتماعي الانتقال من الفلاح إلى العامل في المدن.
هذه الأمور مجتمعة وغيرها خلق خوفا من الأمراض الاجتماعية (العنف والانحراف والاضطرابات) كانت بشكل مباشر وراء الأبحاث الاجتماعية.
- السوسيولوجيا الأمريكية في أوائل القرن 20 ظهرت من الرغبة في فهم الهجرة والتمدن والتحضر.
2. ظهور الفكر العلمي والعقلنة:
أعلن كونت میلاد ووصول الوضعية أي قيام علم مؤسس على التفسير العلمي الخاضع لمعرفة الظواهر عن طريق التجربة.
لقد إبتكر السوسيولوجيا و أراد أن يجعل منها ميدانا للملاحظة الأمريكية الصارمة بخصوص الظواهر الاجتماعية
ماهي دواعي قيام المنهج الوضعي؟
من الأشياء التي أصبحت تابثة في الفكر الغربي هي الصراع القائم بين العلم والدين حيث إعتقد بعض المفكرين أن هذه السمة طبعت علاقة العلم بالدين على الاطلاق وليست سمة خاصة بالفكر الغربي إذ لم ينقطع الصراع بينهما صراع يريد به كل منهما أن يدمر صاحبه لا أن يغلبه فحسب كما يقول "إميل بوکرو" لقد انتهت هذه اللازمة خلال القرن التاسع عشر ومع المتغيرات التي حصلت وأشرنا إليها قبل قليل أدى إلى إقصاء النسق الديني من مجال الحياة وحصره داخل جدران المعابد وطرده من مجال النظر العقلي إلى مجال الاحساس والشعور.
وإنتهى كذلك إلى تخلص العلم من الرق والعبودية التي فرضها التفكير الديني الذي فرضته الكنيسة الكاثوليكية وبدافع من الرغبة في مقاومة نفوذها.
لهذا قاد الفلاسفة حملة على هذا الأسلوب تمخضت عن إقتناع الغرب بضرورة قيام المنهج الوضعي.
أ- أسلوب التفكير اللاهوتي المنتهج من طرف الكنيسة:
كان تفكير الكنيسة يتجه اتجاها معاكسا للحقيقة والواقع، وبقي موغلا في ميتافيزيقية عقيمة. (تأليه المسيح).
نسج الباباوات خرافات عديدة حول الفكر الديني.
"سان سيمون" يقف في وجه البابا وكنيسته بهذه التهمة النافذة، (إنني أتهم البابا وكنيسته بممارسة البدع والهرطقات والتعليم الذي كان يعطيه رجل الدين الكاثوليكي للعلمانيين الذين يشاركونه في الرأي هو تعليم فاسد، فهو لا يوجه إطلاقا تصرفاتهم إلى طريق المسيحية وإتهم رجال الدين بعدم إكتساب أية معلومات من شأنها أن تجعلهم قادرين على قيادة الأتباع المومنين في طريق خلاصهم.
تعليقات
إرسال تعليق