مدخل إلى العلوم القانونية
ملخصات محاضرات شعبة القانون عربي الفصل الاول
مقدمة عامة:
تشكل مادة المدخل لدراسة القانون أو المدخل في العلوم القانونية كما جاءت في الإصلاح البيداغوجي الجديد نافذة يطل من خلالها طلبة السنة الأولى على القانون ، حيث تعرف هؤلاء بالمبادئ والمفاهيم الأساسية التي ستمكنهم من دراسة هذا العلم وفهمه. وعلم القانون مثل غيره من العلوم يحتاج إلى التمهيد لدراسته ولولاه لكان من الصعب فهم القضايا والموضوعات التفصيلية التي يمكن دراستها ضمن هذا العلم. ولا نجا الحقيقة إذا قلنا إن طالب الحقوق أشد حاجة لهذا التمهيد منه إلى دراسة أي تمهيد لعلم آخر؛ ذلك أن الطالب يجد نفسه أمام موضوعات لا صلة لها مطلقا بما سبق دراسته في المراحل الدراسية السابقة من التعليم بالإعدادي والثانوي ..
- أهمية المادة :
تبدو أهمية مادة المدخل لدراسة القانون أو المدخل للعلوم القانونية من كونها مادة مشتركة بين كل المواد التي ندرسها في كليات الحقوق، وهو مادة مفتوحة ومرتبطة بمختلف العلوم الأخرى، لذلك يجب على من يدرسها أن يكون له إطلاع بكل تلك العلوم الأخرى .
ومما يزيد من أهمية هذه المادة بالإضافة إلى كونها مشتركة بين كل المواد التي تدرس في كليات الحقوق ، فهي تعتبر مدخلا لباقي مواد ووحدات المسالك والتخصصات الأخرى؛ إذ تدرس لطلبة القانون الخاص والقانون العام والاقتصاد والتدبير.
وتأتي أهميتها كذلك، من مكانتها بين المواد الأخرى ، ففيها الدرس النظري والأشغال التطبيقية أو الأشغال التوجيهية .
ويبرهن الجانب البيداغوجي كذلك عن أهمية هذه المادة ، حيث يتم تلقينها في شكل دروس نظرية ، يحاول فيها الأستاذ المشرف مع فريقه البيداغوجي المزج بين عرض المفاهيم الأساسية وشرحها مصحوبة بأمثلة توضيحية لتسهيل الفهم، ويستكمل هذا الجانب النظري بأشغال تطبيقية أو توجيهية تكون مناسبة للوقوف على الجانب التطبيقي العملي لمحاور الدرس النظري .
أهمية القانون :
تتجلى أهمية القانون في أنه يدخل في الحياة اليومية للإنسان، ذلك أن كل تصرف يقوم به الإنسان في ليله ونهاره يدخل في إطار القانون، أو يحكمه القانون، أو منظم بالقانون،
الحاجة للقانون:
فالإنسان في حاجة إلى القانون ، والقانون ضروري لحياة الإنسان ، والحاجة إلى القانون تجعلنا نقول إن له موضوعا ورجالا ولغة خاصة به ؛
لذلك ، تحتاج دراستنا للقانون أن نقوم أولا بتحديد المقصود بالقانون وموضوعه ورجالاته ولغته، ثم بعد ذلك نبين مختلف العلوم ذات الصلة بالقانون
أولا مفهوم القانون
القانون بمعناه الواسع هو مجموع القواعد القانونية التي تنظم الحياة في المجتمع. أما القانون بالمعنى الضيق والدقيق فيقصد به النص التشريعي (مهما كانت مرتبته ضمن تدرج القواعد القانونية) الذي يصدر عن الجهات التي تضع القانون لتنظيم مسألة معينة أو نشاط معين. فيقال القانون التجاري والقانون البحري والقانون العسكري ، والقانون الضريبي والقانون الجنائي والقانون المالي.الخ ..، وله كذلك مدلول شكلي يتمثل في النص الذي يصدر عن السلطة التشريعية ( البرلمان أو الملك أو الحكومة).
فالقانون بهذه المعاني يهتم بدراسة جميع الظواهر القانونية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وفي هذا الصدد، فهو يوضع لحماية الفرد من أخيه وبني جنسه الفرد ومن غيره ومن الدولة في تطوير المجتمع ويساير تطوره.
هذه التعاريف تقودنا إلى القول بأن للقانون موضوعا ورجالا ولغة خاصة به:
1. موضوع القانون :
هو دراسة جميع الظواهر السياسية والاجتماعية
والاقتصادية والثقافية والبيئية، غايته الأساسية هي تنظيم الحياة في المجتمع وحماية الإنسان من نفسه ومن بني جنسه وأخيه الإنسان، ومن الدولة، كما أن القانون يحدد الحقوق والحريات، ويساهم في تطوير المجتمع وتحضره، كما يساير تطوره.
2. رجل القانون :
هو الشخص الذي تربطه علاقة بالقاعدة القانونية سواء كان من واضعيها أو الساهرين على تطبيقها أو الدارسين لها: |
- رجل القانون هو المشرع الذي يقوم بوضع القاعدة القانونية ؛
- رجل القانون : هو القاضي والشرطي ورجل الإدارة الذي يطبقها عند النظر في النوازل والقضايا التي تعرض عليه؛
- رجل القانون: هو المحامي الذي يدافع عن الأفراد حتى تطبق القاعدة القانونية تطبيقا سليما؛
- رجل القانون: هو الفقيه والباحث الجامعي ، الذين يعملان على تفسير القانون ودراسته، وإذا ما تبين لهما أن به عيبا أو نقصا أو غموضا قاما بتنبيه المشرع بذلك. فالفقيه يعمل على تنبيهه إلى الأخطاء ويوضحها له ، كما ينبه المحامي والقاضي لأخطائهم.
كل هؤلاء الأشخاص الذين تربطهم علاقة دائمة ومباشرة بالقانون ويهتمون به أكثر من غيرهم، لهم صفات يتحلوا بها وهي : 1 -
صفات رجل القانون : - القدرة على الإدراك؛ -سرعة البديهة؛ - الذكاء؛ - القدرة على التقويم والتقييم؛ - القدرة على التحصيل.
- القدرة على الإفتاء.
2 - لغة القانون:
فكما لكل علم مصطلحاته ومفاهيمه، فإن لعلم القانون كذلك مصطلحاته ومفاهيمه التي تشكل ما يسمى "لغة القانون"، فهي تتميز بخصوصياتها الخاصة التي تجعلها مختلفة عن لغات العلوم الأخرى كالعلوم الرياضية والعلوم الطبيعية والعلوم الفيزيائية وغيرها... ؛ ومع ذلك ، فالمصطلح القانوني دقيق كدقة مصطلح العلوم الأخرى البحثة.
وحتى العلاقة بين اللغة القانونية واللغة العادية تأخذ صورا متعددة؛ فقد يتطابق المدلول اللغوي مع المدلول الاصطلاحي القانوني، وقد يكون المصطلح القانوني أوسع مدلولا منه في الاصطلاح اللغوي. والعكس أنه ، قد يكون المصطلح القانوني أضيق مدلولا منه في اللغة ،
كما هو الحال بالنسبة للفظ «التزوير» الذي يأخذ في القانون مدلولا أضيق منه في اللغة. وقد يكون للمصطلح القانوني مدلول مغاير للمعنى اللغوي، كما هو الشأن بالنسبة للفظ القانوني «للعين»، ومعناه العقار. لذلك نجد هنالك علوما أخرى مساعدة تهتم بنفس الظواهر.
ثانيا - العلوم المساعدة للقانون
انطلاقا من التعاريف والخصوصيات التي ذكرناها ، يمكن القول إن هنالك علوما متعددة تهتم بدراسة هذه الظواهر التي يهتم بها القانون، كعلم الاجتماع وعلم الأجناس وعلم الاقتصاد ، وغيرها .
فهذه العلوم ليست من فروع القانون ، لكنها مرتبطة به .
فالظواهر القانونية تحظى باهتمام العديد من العلوم، منها ما هو أجنبي عن القانون وليس من فروعه ، لكنه مرتبط به :
- كعلم الاقتصاد ؛ - وعلم السياسة؛
- وعلم الإدارة وغيرها ، وهناك علوم أخرى مساعدة له وفي خدمته:
- كتاريخ القانون، الذي يدرس تطور القانون والمؤسسات القانونية عبر الزمان؛ - والقانون المقارن، الذي يدرس المقارنة بين الأنساق أو الأنظمة القانونية كالنظام الروماني الجرماني والنظام الأنجلوسكسوني والنظام الإسلامي؛
- وعلم الاجتماع القانوني: الذي يدرس الظواهر القانونية في علاقتها بالمجتمع الذي
تتحرك داخله. ثالثا - العلوم القانونية الصرفة
وهذه العلوم مهما كان مصدرها، سواء أكان عرفا أو تشريعا ، فهي لا تخرج عن تقسمين كبيرين هما:
- القانون العام: ومن فروعه القانون العام الداخلي، والقانون الدولي العام - القانون الخاص: ومن فروعه القانون الخاص الداخلي، والقانون الدولي الخاص.
أ- تصنيف فروع القانون إلى عام وخاص
يقسم الحقوقيون القانون إلى فرعين أو صنفين أساسيين: القانون العام والقانون الخاص. 1 - القانون العام: هو مجموع القواعد القانونية التي تدرس تنظيم الدولة والهيئات العامة، وبعبارة أخرى ، هو القانون الذي يدرس تنظم العلاقات بين الدولة والأفراد ، كما يدرس العلاقات بين الدول ، بحيث تتدخل الدولة في هذه العلاقات بصفتها صاحبة السلطة والسيادة.
2 - القانون الخاص: هو مجموع القواعد القانونية التي تنظم العلاقات بين الأشخاص فيما بينهم أو في علاقتهم بالدولة، لا بصفتها صاحبة السيادة والسلطان، بل كشخص معنوي عادي، وكطرف خاضع للقانون الخاص.
ب - معايير التمييز بين القانون العام والقانون الخاص
هناك عدة معايير اهتدى إليها الفقهاء للتمييز بين القانون العام والقانون الخاص:
1 . معيار غاية القاعدة القانونية:
إذا كانت القاعدة القانونية، وفي نظر أصحاب هذا المعيار، تهدف إلى حماية مصلحة عامة ، نكون أمام قانون عام، أما إذا كانت تهدف إلى حماية مصلحة خاصة، نكون أمام قانون
خاص. . لكنه يعاب على هذا التصنيف عدم دقته لكون القانون العام أيضا يهدف إلى حماية المصالح
الخاصة ، فقانون الحريات العامة مثل حرية التعبير من القوانين العامة، لكنه يهدف كذلك إلى تحقيق مصالح خاصة ، وبالتالي فإن هذا المعيار لا يكفي للتمييز بين القانون العام والقانون الخاص.
2. معيار خصائص القاعدة القانونية
إذا كانت القاعدة القانونية، وفي رأي أصحاب هذا المعيار، آمرة نكون أمام قانون عام، أما إذا كانت مكملة أو مفسرة نكون أمام قانون خاص.
فالقاعدة الآمرة : هي التي لا يمكن الاتفاق على مخالفتها ، أما القاعدة المكملة : فهي التي يمكن الاتفاق على مخالفتها ،
إلا أنه يمكن أن نجد في القانون الخاص قواعد آمرة ، كالسن القانونية للزوج مثلا المحدد في مدونة الأسرة، وكذلك بطلان الاتفاق على كراء مسكن قصد تخصيصه الممارسة الدعارة، بحيث أن أي نزاع بين المكري والمكتري عرض على القضاء بهدف أداء السومة الكرائية مثلا يقضي فيه القاضي ببطلان العقد لأن الأمر يتعلق بقاعدة أمرة تنص على عدم إمكانية التعاقد على محل غير مشروع.
لذلك ، فإن المعيار المبني على خصائص القاعدة القانونية غير كان كذلك، لكون أن قواعد القانون العام أو الخاص ليست كلها آمرة، وليست كلها قواعد قانونية مكملة.
3. معيار الجزاء:
ويستند على ثلاثة مداخل أساسية ،
- الحصول على الحق - تنفيذ الأحكام القضائية
- جهة التقاضي
فالمدخل الأول: يتمثل في أن الحصول على الحق في القانون الخاص ، لا يتم إلا بموجب حكم قضائي، حيث يمنع على الفرد اقتضاء حقه بنفسه، أما في القانون العام فإن الإدارة يمكنها أن تقتضي حقها بنفسها باللجوء إلى التنفيذ المباشر والفوري ، ودون حاجة إلى طرق باب القضاء
|
مدخل إلى العلوم القانونية |
- القانون الدولي الخاص: الذي يتضمن أحكاما مختلطة، منها قواعد لا يجوز الاتفاق على مخالفتها، لكن منها أيضا ما يدخل في إطار القواعد المكملة، التي يمكن الاتفاق على مخالفتها .
وعموما، يمكن القول إن جهود الباحثين والمهتمين تسير نحو اعتبار الوحدة بين القانون العام والقانون الخاص وهدم التفرقة بينهما.
بعد هذه المقدمة العامة، سنقوم بدراسة مختلف الموضوعات المتعلقة بالقاعدة القانونية أو القانون، وذلك بتقسيمها إلى محورين، نخصص الأول لبيان موضوع القاعدة القانونية وأسسها او النظرية العامة للقانون )
على أن نتناول في المحور الثاني مصادر القاعدة القانونية.
ونختم هذا المختصر بمحور ثالث نستعرض فيه تطبيق القانون وتفسير القانون .
تعليقات
إرسال تعليق