المحاضرة الخامسة الفيودالية والكنيسة التاريخ والحضارة

 المحاضرة الخامسة الفيودالية والكنيسة

أزمة الكنيسة 

في العصر الوسيط، كان نظام العلاقات داخل الكنيسة، من البابا إلى القس، يتماشى مع نظام الفيودالية القائم على صلات التبعية، من الأمير إلى الفارس. فالمرمية هنا وهناك كانت ملزمة ونسقية، وبالتالي كان من الصعب زعزعتها والخروج عنها. لقد وجهت الكنيسة سياسة الأمراء وعقليات العوام، إذ جعلت من كل ملك شرعي في أوروبا ملكا يستمد حكمه من رضا البابا وتزكيته، ومن كل شخص عادي شخصا يمارس شعائره الدينية بوساطة من هذه المؤسسة وتعاليمها، ويهب نفسه لخدمة الكنيسة. وبذلك كانت الكنيسة تسعى إلى الهيمنة الشاملة.

لكن في غاية العصر الوسيط، عندما أخذت الفيودالية في التفكك والبورجوازية في الارتقاء، بدأت تتغير الموازين الاجتماعية والثقافية والدينية، إذ تنامي نفوذ كبار التجار والمصرفيين ليس فقط في مجال الاقتصاد، بل امتد أيضا إلى مجال الثقافة والدين من حيث التصور الحديث للحياة الذي أصبح يتسع شيئا فشيئا في المجتمع، والقائم على أساس حرية الفرد واستخدام العقل. وهكذا أصبح سادة الاقتصاد الجدد يؤثرون في سياسات الأساقفة والرهبان. في ألمانيا، مثلا، تحول هولاء إلى مجرد أدوات في يد جاکوب فوجير، كبير مصرفيي أوغسبورغ (في ألمانيا الحالية).






انتظر من فضلك 20 ثانية




ومن جهة أخرى، كان لتنامي سلطة الملوك الأوروبيين منذ القرن الثالث عشر كبير الأثر في إضعاف سلطة الأساقفة. وفي الواقع، تشير هذه المعادلة إلى مسألة في غاية الأهمية، إذ كلما اتجهت السلطة المدنية والسياسية في شخص الملوك والأمراء نحو تدعيم بنياتها الإدارية والسياسية والعسكرية، وسارت بالتالي باتجاه التخلص من قبضة الكنيسة، تعمقت أزمة هذه الأخيرة. ونلمس هذا المسار عمليا خلال الفترة الممتدة على مدى القرنين الرابع عشر


تعليقات