وحدة تاريخ الشرق الاقصى اليابان
مقدمة:
يعرف اليابانيون أرضهم بكلمة نيهون Nihon وهي تسمية برمزين (ني) وتعني الشمس والضوء واليوم و(هون) وتعني الأصل والكتاب أو بمعنى ظرف مكان (تحت) وهو مصطلح يمكن ترجمته في هذا السياق بأصل الشمس أو أصل الضوء أو تحت الشمس.
1- الأرخبيل الياباني:
يعيش اليابانيون في جزر شبه منعزلة وذات خصوصيات طبيعية متميزة جعلت تصورهم للتاريخ أكثر تركيزا على الذات. وهكذا طور اليابانيون حسا تاريخيا متميزا يتغدى في تغيره من العوامل الجغرافية التي تميز الجزر اليابانية الحديثة التكوين جيولوجيا، وهي جزر لاتزال قشرتها تخضع يوميا لتحركات تعكسها الزلازل والبراكين. وانطلاقا من هذه العناصر طور اليابانيون تصورا مقدسا للمجال يجعل من الفعل المؤسس للجزر فعلا إلاهيا يسجل في الوقت نفسه ميلاد الأرض، وميلاد السلطة، ومباركة الآلهة، وتوزيع السلطة بين جوهر الذكورة والانوثة.
وهذا الامتزاج هو الذي يجعل السلطة والامبراطور والجزر تشكل وحدة لا تنفصل عراها. وقد تجدر هذا الارتباط الميثولوجي بين المجال والسلطة وبداية التاريخ في الوعي الياباني من خلال مجموعة من الاساطير التي أرخت للفعل الأول المؤسس للسلطة والمجال. ذلك أن الأسطورة التي تتصدر مؤلف الـ (كوجيكي) تنسب ميلاد الجزر اليابانية الى الآلهة السماوية وتجعلها من خلفها.
وما هو مثير في هذا التصور الميثولوجي هو الربط بين المجال وشخص الامبراطور الذي جعلهما ينحدران من أصل واحد ويحظيان بالتقديس الذي تحظى به الـ (كامي). ومن ثم ظل اليابانيون يعتقدون أن أرضهم توجد تحت حماية الآلهة ورعايتها، فالآلهة أو الإلاهة أماتيراسو (ربة الشمس) هي التي أرسلت حفيدها (جيمو) ليسهر على رعايتها ورفاهيتها ويقوم بحكمها نيابة عنها.
لا شك ان الوسط الطبيعي قد أدى أدوارا مهمة في حياة الانسان والتجمعات البشرية عموما، فتأقلم الانسان مع الطبيعة وتأثره بها وتأثيره فيها، كلها عوامل ذات أهمية في أمزجة الناس وطباعهم ونظمهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
وإذا كان جل المؤرخين يجمعون على أهمية العامل الطبيعي، فانهم يختلفون في تحديد الانتماء الجغرافي لليابان، فهناك من وضع اليابان ضمن النطاق الجغرافي للرياح الموسمية التي تعم شرق القارة الاسيوية شأنه شأن الهند الصينية وقسم من الصين، مؤكدا الانتماء الياباني الاسيوي الذي يتسم بتوافر الموارد المائية والاستقرار الزرعي، وتطور أنظمة حكم مستبدة تقوم على أساس توفير منشآت الري وحمايتها. وهناك من الدارسين نزع الى التشديد على التفرد الطبيعي للجزر اليابانية رغم وقوعها في هذا النطاق.
عموما كان هذا الموقع سببا في تفرد اليابان وخصوصياتها الحضارية وسببا في اللحمة القومية التي تجمع بين اليابانيين وتطويريهم لشعور الانتماء الى عرق واحد والاختلاف عن الاخر مثلهم في ذلك مثل البريطانيين بالنسبة للقارة الأوربية.
2- المناخ الياباني:
يتميز مناخ الارخبيل الياباني بالانتظام ووفرة المياه، وهو مناخ مكن اليابانيون من القيام بزراعة منتظمة تقوم أساسا على انتاج الأرز الذي وفر مادة أساسية في تغذيتهم خلال الالفي سنة الماضية، فعلى الرغم من ضيق المساحة المزروعة وندرة السهول، اعتمد اليابانيون على الري وإقامة المدرجات لزراعة المنحدرات التي لا يمكن استغلالها بالاعتماد على الامطار فقط. ونتيجة هذه الظروف المناخية الملائمة، تمتع اليابانيون بطبيعة تتنوع مناظرها وتختلف ألوانها بحسب الفصول. وقد انعكست هذه الطبيعة على حياتهم فشغفوا بها ووقتوا بفصولها واحتفوا بكل مظاهرها وغيروا مأكلهم وملبسهم على إيقاعها.
ومن جهة أخرى فإن الشائع اليوم في الكتابات الجغرافية والاقتصادية وغيرها أن اليابان بلد فقير من حيث الموارد الطبيعية، خاصة المعادن ومصادر الطاقة، وهو أمر صحيح إذا ما اعتبرنا التقدم الصناعي الهائل الذي تعرفه اليابان واستهلاكها المتزايد لكل أصناف المواد الأولية التي لا تنتجها، غير أن هذا الحكم يفقد الكثير من حجمه إن نحن وضعناه في سياق تاريخي آخر كالذي يعنينا في هذه الدراسة، لان اليابان لم تكن مفتقرة سواء الى المواد الغذائية أو الى المواد المعدنية، إذ كانت تنتج ما يكفي لإطعام سكانها وربما بمستويات تفوق مستوى جيرانها في آسيا، كما كانت تصدر عددا من المواد الثمينة كالذهب والفضة التي كانت تستبدلها بما كانت تستورده من الصين وأروبا من مواد مصنعة وغيرها.
3- المصادر المعتمدة لكتابة تاريخ اليابان:
الحفريات الاثرية السطحية وتحت المائية
عادات وتقاليد المنطقة والمصادر المرتبطة بالآلهة
الفنون المستوحاة من الطبيعة اليابانية وتحويلها الى نصوص معتمدة لمعرفة تاريخ الحضارة اليابانية
الأبحاث الاركيولوجية لإعادة دراسة تاريخ اليابان
4- زراعة الأرز والتعدين:
كان دخول زراعة الأرز من القارة الاسيوية الى ارخبيل اليابان في غضون القرن 3 قبل الميلاد او بعده بقليل حيث مثل التعرف على تقنية الزراعة نقطة تحول في تاريخ اليابان، وعلامة بارزة بين ثقافتي عصر الجمون وعصر يايوئي الموالي. وقد انتقلت هذه الزراعة في البداية من كوريا الى شمال جزيرة كيوشو ومنها انتشرت بسرعة في وسط جزيرة هونشو، غير انها تأخرت بالنسبة الى المناطق الشمالية من الجزيرة، ولا يعرف بالضبط سبب هذه النقلة النوعية في حياة اليابانيين غير أنه من المحتمل ان تكون نتيجة هجرة بشرية من القارة جاءت على إثر الاضطرابات التي كانت تعرفها امبراطورية الصين في تلك الفترة.
تعتبر زراعة الأرز من المؤثرات الصينية الكبرى لما أحدثته من تحولات مهمة في حياة اليابانيين، فبالإضافة الى تأثيرها في نمط عيشهم ونظامهم الغذائي، أثرت أيضا في تنظيمهم الاجتماعي والسياسي، ذلك أن زراعة الأرز كانت تحتاج الى تجمعات بشرية مستقرة، تتعاون فيما بينها في عمليات الزرع والري والحصاد، وهو عامل أدى الى تحول اليابانيين من حياة الترحال والاعتماد على الصيد والتقاط الثمار الى الاستقرار في القرى وإنتاج الطعام وبالتالي الى مجتمع يحتاج الى تنظيم سياسي أرقى من التنظيمات البسيطة للعشائر المتفرقة. والملاحظ أن زراعة الأرز ارتبطت بظهور شكل من أشكال الدولة، لما كانت تتطلبه من نظام ري دقيق ويد عاملة منضبطة وهو ما أدى في كثير من الحالات الى ظهور أنظمة تقوم على العبودية. ومن الأكيد ان تقنيات الزراعة والتعدين كان لها آثار في تطور اليابانيين ولحاقهم بالقارة غير أنها ساهمت في الوقت ذاته في احداث تفاوت اجتماعي بين الفئات المتحكمة فيها والمستعملة لها في الأسلحة والاغراض الأخرى وبين الفئات التي لا تتحكم فيها. وبذلك كانت زراعة الأرز وتقنية التعدين من العوامل المساهمة في بسط سياسة تطورت احداها لتشكل لاحقا ظهور المؤسسة الإمبراطورية المعروفة في تاريخ اليابان.
5- اليابانيون:
ما يزال الكثير من الأسئلة متعلقة بأصول اليابانيين والأماكن التي قدموا منها، أسئلة دون أجوبة مقنعة ونهائية أو ما يزال مجرد افتراض للباحثين وتكهناتهم.
ومن بين من انبروا الى البحث في هذه الأصول، علماء الآثار والباحثون في علم الاجناس المقارن واللسانيات وتاريخ الفن، ولعل أهم نتيجة توصل اليها هؤلاء كل حسب اختصاصه، هي أن اليابانيون لا ينتمون الى أصل واحد، وأن الجزر اليابانية لم تكن في القديم في عزلة تامة عن القارة الاسيوية أو مجال المحيط الهادي الذي تقع فيه.
وعلى أساس هذه المغطيات، بنى الباحثون نظرياتهم القائلة أن هجرات بشرية مهمة من القارة الى الارخبيل تمت في الفترات المبكرة، غير أن ارتفاع منسوب الماء وغمرها للممرات الأرضية في نهاية العصر الجليدي الأخير، جعل الارخبيل يعيش في عزلة نسبية عن القارة، وهو ما أعطى ذلك التفرد الذي ميز مثلا صناعة الخزف في عصر الجمون.
ومع ذلك يبقى التأثير القاري واضحا على التركيبة السكانية (رغم) استقبال الجزر اليابانية هجرات من أماكن أخرى، حيث تبدو في السمات الجسدية التي تميز سكان الصين وكوريا.
وما يمكن الخلوص اليه، من الأبحاث الاركيولوجية وغيرها، أن هجرات بشرية وصلت الى الارخبيل في فترات متتالية ومن أماكن مختلفة (من القارة الاسيوية ومن الجزر المتواجدة في المحيط الهادي وربما من غيرها). أما تعدد الأماكن التي قدموا منها وبالتالي تعدد الأعراق التي تحدروا منها، فهو أمر يناقض ما ساد اعتقاده لدى اليابانيين من أنهم ينتمون الى عرق واحد، وهو اعتقاد ظهر بداية مع النزعة الوطنية التي سادت في نهاية القرن 19م، وكان من شعاراتها أن الشعب الياباني أسرة واحدة، كما ظهر ويشكل لافت خلال الحروب الاستعمارية التي خاضها اليابانيون في القارة الاسيوية وجزر المحيط الهادي من مطلع القرن 20 الى الحرب العالمية الثانية.
وعلى أي حال، يعتبر بعض الباحثون بمسألة تحديث اليابان أن التشديد على تجانس الشعب الياباني دون الالتفات الى الفوارق العرقية والدينية والاجتماعية، وكيفما كان أمر هذا الاستغلال السياسي والاديولوجي للعرق، فان اعتقاد اليابانيون في انتمائهم الى أصل واحد له ما يبرره تاريخيا وثقافيا، فخليط الاقوام الذين عاشوا في الارخبيل الاف السنين في عزلة نسبية، خلق نوعا من التجانس الثقافي والبشري ميز اليابانيون من الشعوب المجاورة لهم.
إذن التجانس الثقافي والى حد ما التجانس العرقي هو أساس اللحمة القومية وذلك الشعور بالانتماء الى أصل واحد، وما يؤكد ذلك هو ان هذا التجانس تشكل عبر آلاف السنين، فالهجرات البشرية اقتصرت على فترات مبكرة جدا من تاريخ الاستقرار في الارخبيل.
أما في العصور التاريخية المعروفة، فلم تعرف اليابان هجرات تستحق الذكر أو غزوات مصحوبة بالاستيطان، بينما كانت هجرة الكوريتين والصينيين في هذه العصور هجرة فردية قليلة العدد سرعان ما اندمج افرادها وانصهروا في المجتمع الياباني دون أن يخلفوا أقليات واضحة المعالم، ولم تستقبل اليابان مهاجرين آخرين الا في العقود الأخيرة بعد التوسع الصناعي الهائل وظهور الحاجة الى العمالة الأجنبية.
6- تأسيس الإمبراطورية اليابان:
لا يعرف على وجه اليقين متى ظهرت دولة مركزية في اليابان غير ان جل الافتراضات المبنية على الاحداث الاركيولوجية تقول ان هذا الظهور كان في وقت ما في النصف الثاني من القرن الثالث ميلادي أو النصف الأول من القرن 4 ميلادي. لم يشرع اليابانيون في تدوين تاريخهم بأنفسهم الا في العقود الأولى من القرن 8 ميلادي بصدور كتابين هما كووجيكي سنة 712م ونيهون شوكي سنة 720م وحسب الرواية/الاسطورة ...
7- التحقيب التاريخي لتاريخ اليابان:
قسم المؤرخون اليابانيون تاريخهم لحقب وفترات تاريخية اعتمادا على التاريخ اللاهوتي المبني على الميثودولوجيا اليابانية كما يلي:
1- حقبة الجمون (1000ق.م-300ق.م)
سماها اليابانيون فترة الجمون وتعني العصر الحجري الوسيط لدى المؤرخين اليابانيين، وقد قسموها الى فترات متباينة داخل فترة الجمون:
الجمون الوليد من 10000 ق.م الى سنة 8000 ق.م
الجمون البدائي من 8000 ق.م الى سنة 5000 ق.م
الجمون القديم من 5000 ق.م الى سنة 2500 ق.م
الجمون الوسيط من 2500 ق.م الى سنة 1500 ق.م
الجمون المتأخر من 1500 ق.م الى سنة 1000 ق.م
الجمون الأخير من 1000 ق.م الى سنة 300 ق.م
- هذه الفترة مرتبطة بالآلهة حيث يعتقد اليابانيون أن الأرض اليابانية من صنع الآلهة وعلى أنها لأرض نيهون...........وقد ترجم المؤرخون اليابانيون كلمة نيهون على أنها (أي أرض اليابان) من سلالة الآلهة الشمس
- كانت الجزر اليابانية منعزلة عن العالم الخارجي مما أكسب اليابانيين انماطا فريدة من العيش لا تزال موجودة في اليابان الى يومنا هذا
- وجود ترابط بين العناصر: الآلهة-الامبراطور-الشعب وتعتبر من المكتسبات التي تؤثر في المجتمع الياباني
2- حقبة يايوئي (300 ق.م- 300 م)
أهم ما ميز هذه الحقية عن سابقتها:
ادخال المعادن الى الارخبيل خاصة النحاس والحديد
وجد العلماء اليابانيون بقايا لتقنيات زراعة الأرز في الارخبيل الياباني لوجود تجمعات بشرية تستهلك الأرز في اليابان
الحديث عن وجود تجمعات بشرية أطلق عليها الباحثون اليابانيون اسم (وا) بينما يسميها الصينيون شعوب (الهان) ويعتبرها الصينيون امتدادا للتجمعات الصينية التي هاجرت من الصين نحو الارخبيل الياباني.
ظهور مملكة قوية ياماطاي تمكنت من الاستحواذ على جميع الأراضي اليابانية بفضل ملكة قوية تدعى (هميكو)
3- حقبة الكوفون (300 م- 593 م):
- الكوفون: تعني التلال القديمة أو الآكوام وهي عبارة عن مدافن للآهة والاباطرة، عثر فيها عن قرابين ومستخرجات ولقى وأدوات دفنت مع الاباطرة
وأهم ما ميز هذه الحقبة:
ظهور مملكة قوية اسمها ياماتو، عثر على بقاياها جنوب مدينة كيوتو. استطاعت توحيد كل جزر الارخبيل
استطاعت هذه الملكة أن تربط علاقات مع الخارج خاصة مع مملكة سونغ الصينية والتي مهدت لظهور البداية الأولى لدخول الكتابة الى الارخبيل الياباني.
تمكنت هذه الملكة من ادخال الديانة البوذية لأول مرة الى الارخبيل سنة 538م وتصبح الديانة الرسمية لليابان الى حدود القرن 7
4- حقبة الازوكا (593م- 710م):
- ازوكا: تعني مقر إقامة الحاكم في البلاط الامبراطوري
أهم مميزات هذه الحقبة:
تطور نظام الحكم في اليابان حيث شمل وضع واستحداث قوانين جديدة مستوحاة من الديانة البوذية بالأساس بعض منها من ديانة الكونفوشيوسية
قيام سياسة ونظام بيروقراطي في الارخبيل على النمط الصيني وبداية تأثير الحضارة الصينية
ترسيخ مبادئ وثقافة الديانة البوذية في جميع جزر الارخبيل
وجود مملكة قوية وحاكم قوي تمكن منى تثبيت الحكم في الارخبيل وتعميم الديانة البوذية فيه وهو الامير شوتوكوتائيشي
شجع هذا الأمير على نشر الثقافة الصينية في الارخبيل الياباني
هذا الأمير قام بإصلاحات إدارية وسياسية لتقوية البيت الامبراطوري ووضع حد لقوة العشائر وخاصة عشيرة سوغا وذلك بكبح جماحها كي لا تظفر بالبيت الامبراطوري.
سن هذه القوانين وفرض الديانة البوذية والثقافة الصينية وتقوية البلاط أطلق عليها المؤرخون اليابانيون اسم الدولة التي تديرها القوانين أي الدولة المركزية التي يهيمن عليها موظفو البلاط.
5- حقبة نارا (710م -784م):
- نارا: تعني المكان (المدينة) الذي احتضن البلاط الامبراطوري
في هذه الفترة كان النفوذ والقوة في المجال الاقتصادي والسياسي والاجتماعي لعشيرة ناكاتومي نوكاماتاري، وكانوا معروفين بمصطلح فوجي وارا. قاموا بأعمال مهمة في الارخبيل أهمها:
تشجيع البوذية بالارخبيل على غرار السلالات الأولى
ربط علاقات مع الصين (الصين كانت تحكمها سلالة تانغ).
وضع نظام جديد لاستغلال أراضي الأرز حيث وضعوا لها قوانين جديدة (أقرت عائلات فوجي وارا أن يكون هذا الاستغلال لمدة 3 أحيال متلاحقة فقط).
خلال هذه الفترة، ظهرت الكتابات الأولى للتواريخ اليابانية والمتعلقة أساسا بالشعر الياباني فيما يعرف بـ مان يوشو
انتشار الفنون والمعمار الذي تأثرا بالفن والمعمار الصيني.
زيادة وكثرة المعابد البوذية بالارخبيل الياباني وازدياد عدد رجال الدين البوذيين والمستخدمين بالمعابد.
وبعد وصول امبراطور آخر للحكم اسمه كانامو والذي حكم مابين 781م و806م، قام بتغييرات جديدة حيث ألغى كل الامتيازات التي كانت للصين وأجرى عدة تغييرات منها:
الحد من تأثير رجال الدين البوذيين في الارخبيل الياباني.
تغيير مكان العاصمة من نارا الى منطقة تدعى تاغا أوكا وذلك سنة 789م.
تم تحويل العاصمة مرة أخرى من تاغا أوكا إلى هيي أن كييو حيث ظلت بلاطا للإمبراطور حتى سنة 1868م
في هذا البلاط تم إقرار كل التأثيرات الصينية التي أدخلتها عشيرة فوجي وارا بحيث قاموا بإصلاحات وحولوا العاصمة من جديد من هيي أن كييو الى طوكيو.
6- حقبة هييآن (350 سنة كاملة) (794م – 1185م)
- في هذه الفترة عرف الارخبيل رخاء كبيرا حيث تمكن الامبراطور الياباني من توحيد كامل جزر الارخبيل باستثناء منطقة هاكايدو لأنها كانت تحت يد حكام أقوياء جدا ينافسون الامبراطور ويطلق عليهم إيينو ويقال عنهم أنهم السكان الأصليين للجزيرة وكانوا يعارضون الامبراطور.
- في خضم هذا الصراع بدأت الأمور تنفلت من يد الامبراطور مع بداية القرن 9 الميلادي نظرا لقوة الحكام المحليين وعلى رأسهم (إيينو)، فعاد الحكم مرة أخرى لعشيرة فوجي وارا.
- وضعت عائلة فوجي وارا سياسة مبنية وحكيمة مكنتها من السيطرة على منصبين هما:
منصب الوصي: ويسمى باليابانية (سيشو)، وكانت مهمته متابعة أحوال الامبراطور قبل بلوغه سن الرشد.
منصب الحاجب: ويسمى في العرف الياباني بكبير المستشارين، ويطلق عليه اسم (كانباكو) ومهمته تولي شؤون الإمبراطورية بعد بلوغ الامبراطور سن الرشد.
واستمرت الإمبراطورية تحت فبضة عشيرة فوجي وارا الى نهاية القرن 10 الميلادي. أهم ما قامت به عائلة فوجي وارا هو:
تطوير الثقافة الوطنية اليابانية وتحريرها من جميع التأثيرات الكورية والصينية وإقرار ثقافة محلية.
- تميزت أيضا هذه الفترة بضعف الإدارة المركزية مما سمح لرجال الدين البوذيين والحكام المحليين من السيطرة على مجالات واسعة من الأراضي الصالحة لزراعة الأرز في الارخبيل.
- تميزت هذه الفترة كذلك بإعفاء رجال الدين والحكام المحليين من الضرائب.
- تميزت أيضا باتخاذ رجال الدين والحكام المحليين لمناطق واسعة وبعيدة عن السلطة المركزية لأنفسهم.
احتدم الصراع بين هؤلاء الحكام والامبراطور مما أدى الى صعود عائلة أخرى هي عائلة تائيرا وهو اسم لحاكم محلي نصب نفسه امبراطورا على الارخبيل سنة 940م، هذا الحدث الذي أدى الى نشوب حروب دموية بين العشائر إذ نصب كل حاكم نفسه امبراطورا على كل الارخبيل مما أدخل اليابان في حرب أهلية طاحنة جدا خلال القرن 10 الميلادي.
- الحروب الاهلية (النصف الثاني من القرن 10):
فقدت عشيرة فوجي وارا السيطرة على الحكم بعد وفاة الامبراطورين ميتشيغا سنة 1028م وغورئي زائي سنة 1068م الذين ينتميان لعائلة فوجي وارا.
سيدخل الارخبيل الياباني مرحلة أو عهدا جديدا سمي بـ: عهد الاباطرة المنعزلين.
برزت فئة جديدة في الارخبيل وتحديدا في المقاطعات أو ما يسمى بالمقاطعات المتنقلة والبعيدة عن الحكم المركزي، وهم حكام محليون وهو ما يسمى بالشوغونات (حكم الخيام)
بعد انتهاء الحروب الاهلية، قام هؤلاء الحكام بـ:
انشاء جيوش محلية قوية لحماية الاقطاعيين اليابانيين أطلق عليها لاحقا اسم الساموراي كان هدفها خدمة الاقطاعيين وحمايتهم.
بدأت تتشكل مجموعات وعشائر جديدة أهمها عشيرة آل تائيرا التي عادت من جديد.
نالت عشيرة آل تائيرا احترام الاباطرة وسيطرت على السهول الداخلية الواقعة في الشمال الغربي لبحر اليابان
ظهرت عائلة أخرى منافسة لآل تائيرا سميت بآل ميناموتو المدعمة لعشيرة فوجي وارا
تحالفت عشيرة آل ميناموتو مع فوجي وارا. في المقابل تحالفت عشيرة آل تائيرا مع الاباطرة المنعزلين.
سيطرت عشيرة ميناموتو على السهول الواقعة بمنطقة كانتو
دخل تحالف آل تائيرا وآل ميناموتو في صراع وحرب دموية دامت ما بين 1156م و1164م على مرحلتين سميت الأولى عهد هوجن أما المرحلة الثانية من الصراع سميت ب هه ئيجي
انتهى الصراع بانتصار آل تائيرا على آل ميناموتو وبسطوا سيطرتهم على كامل الارخبيل الياباني. كما استحوذوا على كل المناصب على نهج فوجي وارا خاصة مع بروز الامبراطور تائيرا ني كييو نوري حيث استبد بالحكم وقام بتوزيع الأراضي على أفراد العشيرة تائيرا والموالين لهم.
زوج احدى بناته بأحد الموالين له من الجنود والمحاربين الساموراي، فأنجبت ولدا سمي بـ: انتوكو والذي سيتولى الحكم ويصبح امبراطورا سنة 1180م على كامل الارخبيل الياباني.
توزيع الأراضي على أفراد عشيرة آل تائيرا سيثير حفيظة باقي العشائر، فقامت حرب أهلية جديدة مع نهاية القرن 12م. انتهت بالقضاء على عشيرة آل تائيرا نهائيا.
- اعتبر المؤرخون اليابانيون هذه المرحلة نهاية التاريخ القديم باليابان وبداية العصور الوسطى.
7- حقبة كاماكورا: (من نهاية ق 12م الى نهاية ق 14م) (1185م- 1333)
أهم ما ميز هذه الحقبة:
أصبح تدبير الشأن السياسي بالارخبيل بيد الشوغون.
تقلص سلطة الامبراطور وانحصارها في السلطة الدينية فقط.
أحكمت عشيرة آل ميناموتو سيطرتها على مقاليد الحكم في كل الارخبيل سنة 1189م بعد انهزام آل تائيرا.
احتضنت منطقة تدعى كاماكولرا البلاط الثاني (بلاط الشوغون)، وتوجد في أقصى شرق اليابان.
وجود الامبراطور في البلاط والحكام يتنقلون فيما يعرف بالشوغونات
ظهرت عائلة قوية تحاول منافسة آل ميناموتو وهي عشيرة هوجو
تمكنت عشيرة هوجو من السيطرة على منصب الوصي وجعلوه وراثيا فيما بينهم الى سنة 1333م بعد صراع مرير مع آل ميناموتو
بدأ آل هوجو يفرضون وصايتهم على حكم الخيمة والذي سمي بالباكوفو (حكم الخيمة أي صيغة أخرى للشوغون)
في عهد آل هوجو، انتقلت العاصمة الى كيوتو مما أدى الى وقوع صدام بين آل هوجو والامبراطور، أدى الى حروب دموية انتهت بهزيمة الامبراطور مما عزز من قوة الشوغونات في الارخبيل.
سن آل هوجو قوانين جنائبة ومدنية جديدة بلغت 51 بندا بقي اليابانيون يتعاملون بها الى نهاية القرن 14م.
قامت الشوغونات الممثلة في آل هوجو بإرساء القواعد الاقطاعية في الارخبيل الياباني.
- عرفت هذه المرحلة تطورا في الحياة الفكرية والدينية تتمثل في:
ازدهار الكتابات حول الملاحم والبطولات في الارخبيل وارتبطت أساسا بالصراع القائم في فترة كاماكورا بين آل تائيرا وآل ميناموتو وذلك بالكتابة عن أمجاد آل ميناموتو، ومن أبرزها قصة الهائيكي أو هائيكي مونوغاتاري سنة 1220م وقصائد شعرية للامبراطور فوجي وارنوصادئي
أما في الحياة الدينية فأهم شيء هو ظهور طوائف دينية جديدة على الارخبيل أهمها طائفة (تنداي) وطائفة (شون غون) واللتان دعتا الى محاولة اختصار المعتقدات والشعائر الدينية وكان الارستقراطيين من أتباع هاتين الطائفتين.
وطائفة أخرى أسسها أميدا وهي طائفة تم تطوير معتقداتها من طرف الراهبان جانكو وشينران (1173-1262)
ظهور مذهب بوذي رابع سمي مذهب (زات) البوذي.
استمرت سيطرة آل هوجو 100 سنة حتى غزو المغول.
قام آل هوجو بتشكيل طوائف عسكرية وتزامن ذلك مع سيطرة المغول على الصين وكوريا سنة 1274م.
حاول المغول السيطرة على اليابان ففشلوا بسبب اتحاد العشائر اليابانية.
بعد جلاء المغول عن السواحل اليابانية، عادت المشاكل من جديد وهنا انهارت مقومات آل هوجو.
حتى تسترجع أسرة آل هوجو سيطرتها على الحكم دخلت في صراع مع الامبراطور غودائي غو (نصب سنة 1318). حيث تم نفيه من البلاط بسبب محاولاته للسيطرة على الشوغونات.
عاد غودائي غو ودخل في صراع ثان وتمكن من العودة الى الحكم، وعرفت هذه الفترة بـ: استعراش (كانمو) (1336-1333م)
دخل غودائي غو في صراع مع حليفه أشيكاغا تاكاؤجي وتم نفي غودائي غو سنة 1336م، وتم تعيين امبراطور جديد هو أشيكاغا تاكائوجي.
- بعد هذا الصراع، انقسمت اليابان الى قسمين رئيسين:
بلاط في مناطق الجبال: جنوب نارا بزعامة غودائي غو
بلاط في شمال اليابان بزعامة أشيكاغا تاكاؤجي.
سميت هذه الفترة: بـ: نان بوكوتشو (فترة البلاطين الشمالي والجنوبي) من 1336م الى 1392م.
8- حقبة موروماشي (1338-1573م):
أهم ما ميز هذه الحقبة هو:
تنصيب الامبراطور أشيكاغا وجي حاكما على البلاد (1338م-1358م)
بدأ في إرساء دعائم الحكم وتقوية سلطته على البلاد.
عزم على نهج سياسة نقيضة للشوغونات بإجراء إصلاحات إدارية وعسكرية.
اصطدم مع توجهات حكام الشوغونات مما منعه من اجراء واستكمال الإصلاحات.
تولى بعده ابنه أشيكاغا يوجي أكيرا (1358م-1367م) ومن بعده حفيده يوشي ميتسو (1385م-1394م).
- أهم ما قام به الامبراطور الثالث هو ربط علاقات وطيدة مع الصين من الناحية التجارية مما اعطى دفعة قوية للاقتصاد الياباني
- بالموازاة مع ذلك، افرز لنا طبقة جديدة هي طبقة البورجوازية والتي ظهرت في المدن.
فقدت السلطة المركزية سيطرتها على بعض الحكام العسكريين المحليين الذين اتخذوا أماكن منعزلة في المقاطعات الداخلية للارخبيل.
- أطلق المؤرخون اليابانيون على هؤلاء الحكام الذين ظهروا مع بداية ق 15م آل دائي ميو وهم محاربون من البوشي المعروفين بالساموراي الذين كانوا يطمحون للسيطرة على الارخبيل الياباني ومنافسة آل أشيكاغا يوجي.
- قامت طبقة آل دائي ميو بتأليب كل الفئات المهمة من المجتمع الياباني ضد حكومة أشيكاغا يوجي وسياسة الشوغونات وآل أشيكاغا يوجي.
- امتد هذا الصراع الى من 1467 الى 1573م على مرحلتين هما:
المرحلة الأولى: امتدت من 1467م الى 1477م، أطلق عليها المؤرخون اليابانيون حرب أون إن
المرحلة الثانية: امتدت من 1477م الى 1573م، أطلق عليها المؤرخون اليابانيون سان غوكو جدائي ويعني المقاطعات المتحاربة.
- بانتهاء هذه الحروب انتهى حكم آل أشيكاغا وبالتالي بدأت بوادر توحيد الارخبيل تحت حكم مركزي
- ظهرت طبقة جديدة سانغوكو دائي ميو وهي عائلة محاربة، سيطرت على كامل الارخبيل، وقاموا بوضع قوانين وترسيم الحدود.
- رغم الصراع الدامي الذي كان بين آل أشيكاغا وآل دائي ميو، فقد عرفت تطورا فكريا هذه الفترة تطورا فكريا ودينيا تجلى في:
سيطرت الثقافة والنمط الصيني على اليابان في الفنون على وجه الخصوص (سلالة تانغ الصينية) خاصة الفنون ذات الصلة بالمذهب الكونفوشوي كالمسرح من خلال ثقافة الديانة البوذية.
ظهرت طقوس اعداد الشاي وتقديمه للزوار كما تم إدخاله عن طريق البوابة الصينية، ويطلق على هذا الفن مصطلح تشانيو.
- بعد انهزام آل أشيكاغا وتولي سان غوكو دائي ميو حكم الارخبيل، استحدثت عشيرة آل سان غوكو دائي ميو قوانين ومبادئ عامة تخص طبقتهم فقط وهي مستوحاة من عادات المحاربين القدامى (الساموراي).
- اعتبرت هذه القوانين المسودة الأولى لما أطلق عليه لاحقا ميثاق شرف المحاربين في الارخبيل الياباني
- بعد سيطرة آل سان غوكو دائي ميو، قاموا بتعيين حاكم من طبقتهم في كل مقاطعات الارخبيل.
- حاول كل حاكم في كل المقاطعات بسط هيمنته على المقاطعات المجاورة له رغم انتمائهم لنفس الطبقة (أي طبقة سان غوكي دائي ميو)
- دخلت المقاطعات في صراعات فيما بينها الى أن وصل الصراع الى العاصمة كيوتو مكان تواجد الامبراطور.
- اعتبر المؤرخون هذه الصراعات نهاية حقبة العصور الوسطى وبداية الحقبة المعاصرة في التاريخ الياباني.
- استمرت هذه الحروب الاهلية الى نهاية القرن 16م حيث تزامنت مع بداية التغلغل الأوربي في الارخبيل الياباني.
- أشار المؤرخون اليابانيون الى أن دخول البرتغال الى اليابان كان سنة 1543م مع احتلالهم لميناء كاغيشيما حيث ادخلوا معهم تقنيات جديدة لم تكن معروفة عند اليابانيين وهي:
ادخال البارودة: لأول مرة وهي بندقية قديمة يتم حشوها يدويا، التقطها اليابانيون وصنعوا على منوالها آلاف البنادق مما أدى الى تطور الحروب لتصبح أكثر دموية من سابقاتها
إدخال الديانة المسيحية: من طرف البرتغاليين حيث تم تبنيها من طرف الشوغونات أنفسهم (أي حكام المقاطعات) وشجعوا على انتشارها.
- أهم ما ميز نهاية هذه الفترة (حقبة موروماشي) هو نشوب صراع على العرش الامبراطوري بين عائلتين في أواخر العصر الوسيط وهما: عشيرة هوسوكاوا وعشيرة آل يامانا.
- تميزت هذه الفترة أيضا بظهور المجاعات في الارخبيل الياباني وانتشار الأوبئة والامراض.
تعليقات
إرسال تعليق